درس مفيد في النحو ...منقول

الدرس الأول : البسملة ثم الكلام



أولا : البسملة :



قال ابن آجروم رحمه الله تعالى :



{ بسم الله الرحمن الرحيم }



ابتدا المؤلف رحمه الله بالبسملة اقتداءً بكتاب الله عز وجل وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبركًا بها و متابعة لعمل أئمة المصنفين ، وهو الذي يجب أن يتَّبع ، لا جريًا على ما تعود المصنفون أن يذكروه حين البدء بها من إيراد أحاديث لا تصح ومنها : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ: بسم الله فهو أبتر " وغيرها من الروايات . وإن حسَّنه بعضهم .
قلتُ " وقد قال الشيخ الخضير , وإن كانت الأحاديث لا تصح في هذا الباب إلا أنها مشروعة " .



والبسملة مصدر قياسي من " فعلل " والفعل منحوت ومثله : فذلكة وكذلكة .
وإعرابها باختصار :
الباء : حرف جر أصليٍّ للاستعانة ، أو المصاحبة على وجه التبرك ( أصاحب اسم الله متبركًا به ) .أو الإلصاق ، وهي متعلقة بفعل - على الأرجح - مضارع يقدر متأخرًا في الأرجح . تقديره أفتتح أو أستهلُّ ،، و يقدر مؤخرا ؛ لإفادة الحصر عند البيانيين والاهتمام عند النحويين وللتبرك باسم الله .



ولفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم ( وقد ذكر في القرآن في 2360 موضعًا )


وهوعلم لا يطلق إلا على المعبود بحق خاص لا يشركه فيه غيره ، وهو المحبوب إجلالاً وتعظيمًا ( ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ) أما " إله " بدون أل فهو يطلق عليه وعلى غيره وهو أعرف المعارف وهو مرتجل غير مشتق ، وقالوا ذهب لذلك سيبوبه في أحد قوليه فلا يجوز حذف الألف واللام منه على ذلك .
والصحيح أنه مشتق ، ومعنى أنه جامد عند من يرى ذلك أنه لا يدل على وصف وإنما يدل على الذات .
.
وتفصيل القول في تفخيم لفظ الجلالة : أنه إذا جاء بعد ضم أو فتح تفخَّم ، وإذا جاء بعد كسر ترقق وبعضهم يرى الترقيق مطلقاً وبعضهم يرى التفخيم مطلقاً ولكن الصواب الأول، قال ابن الجَزَري :



وفخِّم اللام من اسم الله ** عن فتح أو ضمٍّ كعبد الله



أصله : الإله ، حُذفت الهمزة تخفيفًا ، فالتقت اللام الأولى – الساكنة - مع الثانية فأدغمت اللامان، فصارتا في اللفظ لامًا واحدة – لفظًا - ثم فُخمت للتعظيم .



الرحمن الرحيم : الراجح أنهما نعتان ، ولا ينافي كونهما علمين ؛ لأنّ أسماء الله أعلام وأوصاف .


وهما اسمان مشتقان من الرحمة ، والرحمة فى الأصل رقة فى القلب تستلزم التفضل والإحسان ، وهذا جائز فى حق العباد ، ولكنه محال فى حق الله سبحانه وتعالى ، وهي صيغة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى ، لا يجوز لنا أن ننفيها أو نعطلها أو نؤولها .



وقد ذكر ابن دريد في جمهرة اللغة : قال أبو عبيدة : هما اسمان مشتقّان من الرحمة مثل نَدمان ونديم . قال أبو بكر: خبّرني عمي الحسين بن دريد عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال: الرحمن اسم للّه تبارك وتعالى لا يُدعى به غيره والرحيم صفة لأن العرب تقول: كُن بي رَحيماً ولا تقل: كُن بي رَحْماناً. وقد دلّ القرآن على ذلك بقوله عزّ وجلّ: { قل ادْعُوا اللهّ أو ادْعُوا الرحمنَ أيًّا ما تَدْعوا فله الأسماءُ الحُسْنَى} فاللّه اسم ليس لأحد فيه شركة وكذلك الرحمن ، وليس لأحد أن يسمَّى الرحمن إلا اللّه. وقد سمت العرب مَرحوماً ورَحيماً.
والرحيم قد يكون لغيره ؛ قال الفارسي: إِنما قيل بسم الله الرَّحْمن الرحيم فجيء بالرحيم بعد استغراق الرَّحْمنِ معنى الرحْمَة لتخصيص المؤمنين به في قوله تعالى: { وكان بالمؤمنين رَحِيماً} .
.



فائدة : يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله :



(( إن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته ورجائه وإخلاص العمل له ، وهذا عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته ، والتفقه في فهم معانيها ..
بل حقيقة الإيمان أن يعرف الربّ الذي يؤمن به ، ويبذل جهده في معرفة أسمائه وصفاته ، حتى يبلغ درجة اليقين .
وبحسب معرفته بربه ، يكون إيمانه ، فكلما ازداد معرفة بربه ، ازداد إيمانه ، وكلَّما نقصَ نقصَ ، وأقرب طريق يُوصله إلى ذلك : تدبُّر صفاته وأسمائه من القرآن .. " .



تتـمــــة :
1 - في البسملة إيجاز قِصَر بإضافة العام إلى الخاص .



2 – لم يوصف أحد بالرحمن من العرب إلا مسيلمة الكذاب ، وصف به مضاف ، فقالوا : رحمن اليمامة ، قال قائلهم :
سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبًا * * وأنت غيث الورى لازلت رحمانا .



وأجاب البعض ببيت مقابل له:



خُصّصت بالمقت يابن الأخبثين أباً * وأنت شرُ الورى لا زلت شيطانا



3 – تكتب " بسم " بغير ألف – في البسملة خاصة – لكثرة الاستعمال ، وقيل ليوافق الخط اللفظَ ، وقيل استغناء عنها بباء الاستعانة . وقيل : لا حذف أصلا لأن الأصل " سِمو أو سُمو ، فلما دخلت الباء سكنت العين تخفيفًا
4 – تحذف الألف من الرحمن ؛ لدخول " أل " عليها .
( الرحمنِ الرحيمِ )
( الرحمنِ ) بالجر : نعت للفظ الجلالة
( الرحيمِ ) بالجر : نعت للفظ الجلالة أو الرحمن


إذا رفعت الرحمن أو نصبت لا يجوز الجر في الذي يليه .
قال الأجهوري :
إن ينصب الرحمنُ أو يرتفعا *** فالجر في الرحيم قطعاً مُنعا


وقال الشيخ محمد بن صالح العـثيمين :

و{ الله }: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛ وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له..
و{ الرحمن } أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن "فَعْلان" الذي يدل على السعة..
و{ الرحيم } أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛ ولهذا جاءت على وزن "فعيل" الدال على وقوع الفعل

Konular