<<علا الشافعي - كوميديا عصر مبارك فى <<قط وفار

علا الشافعى

كوميديا عصر مبارك فى «قط وفار»

تعيش السينما المصرية هذه الأيام، حالة من الانتعاش الفنى، وهى الحالة التى افتقدتها منذ فترة طويلة، فالموسم السينمائى الحالى يشهد تنوعًا فى الأفلام المعروضة، ويضم ألوانًا سينمائية مختلفة، فمن الدراما الاجتماعية، فى «ريجاتا» و«هز وسط البلد»، إلى سينما التشويق والإثارة «أسوار القمر»، وحتى الكوميديا الاجتماعية والسياسية فى فيلم «قط وفار» للكاتب وحيد حامد والمخرج تامر محسن، من بطولة محمود حميدة ومحمد فراج وسوسن بدر، وفيلم «يوم مالوش لازمة» للنجم محمد هنيدى، تأليف عمر طاهر وإخراج أحمد الجندى، يصبح أمام جمهور السينما فى مصر كمّ ليس بقليل من الأفلام المتنوعة. «قط وفار» دراما كوميدية سياسية ساخرة، تحمل نقدًا لاذعًا يذكرنا بروح أفلام الكاتب الكبير وحيد حامد فى التسعينات، ويقدم الفيلم بشكل ساخر شخصية وزير الداخلية، اسم عائلته القط، يؤدى دوره محمود حميدة، يشغل وزارته بطلباته المتعلقة بحفل خطوبة ابنته والذى من المفترض أن يحضره كبار الشخصيات والمسؤولين فى البلد، لذلك فكل شىء يجب أن يكون مدروسًا وبدقة، بدءًا من الورود التى ستزين الحفل وصولًا لمكان ركن السيارات الخاصة بكبار البلد، اختار وحيد حامد يومًا واحدًا هو عيد الحب لكى يقدم من خلاله معظم مشاهد فيلمه، وما بين العالمين المتوازيين اللذين يعشقهما حامد تدور أحداث الفيلم وهو عالم الوزير والسلطة- الأحداث فى عصر مبارك- وعالم ابنة عم الوزير تجسدها سوسن بدر وابنها المنتمى لعائلة الفار يجسده محمد فراج. كوميديا الفيلم سوداء ومبنية على الكثير من المفارقات والثنائيات ومنها مشهد البداية والذى جاء معبرًا عن روح الفيلم، حمادة الذى يشكو من أن والدته الأرملة الجميلة- تجسدها بخفة وبراعة سوسن بدر- مرغوبة من كل رجال الحارة، ابنة وزير الداخلية التى تدمن المخدرات، حيث نشاهدها وهى تتعاطى الكوكايين قبل حفل خطبتها، الفرح والحزن يوم الخطوبة والذى يتحول إلى مأتم بعد أن ماتت ابنة عم الوزير فى منزله، وهى ابنة عمه الفقيرة والتى تعيش فى إحدى الحارات الشعبية وتحضرها زوجته- تجسدها سوزان نجم الدين- فقط لتزغرد لابنته الدلوعة، ونصبح أمام ثنائية الموت والحياة، القهوة بجوار الشربات، الفساتين السواريه بجوار اللون الأسود لتقديم واجب العزاء، خصوصًا بعد أن تسرب خبر وفاة ابنة عم الوزير بالصدفة عن طريق رئيس تحرير إحدى الصحف القومية، وبات مدعوو الوزير فى حيرة، هل يذهبون للتهنئة، أم لتقديم العزاء؟ لسينما وحيد حامد ملامح خاصة لا يستطيع أحد أن يغفلها تتمثل فى قدرته على صياغة تلك العوالم وجمله الحوارية شديدة التميز وتعريته للفساد وكشفه لفساد أكبر فى الإعلام، وهو الكشف الذى حمل نقدًا لاذعًا لمُخبرى الإعلام حتى فى صحافة المعارضة، وهو ما أدركه المخرج الموهوب تامر محسن، والذى قدم فيلمًا يحمل روح الكوميكس، وصراعًا يحاكى تمامًا الصراع بين توم وجيرى من خلال إيقاع يمتلئ بالحيوية، وتميزت معظم عناصر العمل الفنية «تصوير فيكتور كريدى، موسيقى محمد مدحت، مونتاج وائل فرج، ملابس ناهد نصر الله، ديكور على حسام»، وتألق محمود حميدة فى دور وزير الداخلية والذى يحمل عودة مختلفة لحميدة منذ آخر أعماله فى السينما، أما محمد فاجتهد إلى حد كبير فى تقديم شخصية حمادة الفار البسيط الساذج والذى يتحول إلى جيرى الفار فى النصف الثانى من الأحداث ليغلب الوزير القط بمساندة أناسه من البسطاء، أما السورية سوزان نجم الدين فأفلتت منها أخطاء فى اللهجة المصرية فى بعض المشاهد. أجمل مشاهد من أجمل مشاهد الفيلم والذى أدته المتمكنة سوسن بدر بعبقرية، هو المشهد الذى تزور فيه حمادة ابنها بعد وفاتها، حيث تأتيه على شكل روح تزوره وتشرح له لماذا تعددت زيجاتها إلا أنه رغم ذلك يظل هو الرجل الأهم فى حياتها. مشهد الفنانة الراحلة ثريا إبراهيم وهى تنادى على وزير الداخلية فى أول زيارة له للحارة وهى تصرخ من شباكها «عباس.. ولا ياعباس».

Konular