الدولة الحديثة في عهد سلمان... - يوسف الكويليت

يوسف الكويليت

الدولة الحديثة في عهد سلمان..

الانتقال الهادئ للحكم طبيعة تقليدية شهدها هذا البلد في جميع عصوره، في فقره وغناه لإيمانه أن وحدته فوق الاعتبارات أياً كانت التصورات والتخرصات عنه، وفي تاريخنا لم نرفع شعارات الثورة والانقلاب، وإنما التغيير والتطوير دون إثارة أو إعطاء آمال لا تنفذ..

خادم الحرمين الملك سلمان لم يأت من كواكب بعيدة عنا، فهو امتداد لرحلة العمر الطويل مارس العمل القيادي شاباً، ووصل إلى صانع القرار، ولذلك حين نقرأ أسلوب وتطوير الإدارة بإعطاء الجيل الثالث من الشباب المؤهل بمعارف خارجية تجيد التعامل مع ثقافات ولغات وتقنيات معاصرة في مراكز وزراء ووكلاء ومؤسسات وغيرها، والقادم من القطاع الخاص بديناميكية وأسلوب إدارته الحديثة وبلا تراكم قيود من الدوائر الحكومية ومدارسها التقليدية الراكدة، وبأعمار شابة ما بين الأربعين والثلاثين، ودمجهم مع أصحاب الخبرة في المراكز القيادية الحساسة، فإن ذلك يؤكد أننا نقطع مسافات بعيدة نحو الإدارة المعاصرة للحكومة الإلكترونية..

الناجحون في القطاعات الخاصة في العالم المتقدم والبارزون في الإدارة أياً كان اختصاصها، تستقدمهم الجامعات ومراكز البحوث لنقل تجاربهم في إعطاء دروس للأجيال القادمة، ونحن بلد نصفه من الإناث والذكور في عمر الشباب، وقضية إحلالهم تعني تسريع العمل، وقتل البيروقراطيات الثابتة والمعيقة، ومع هذه الكوكبة من الشباب هل نرى اللجان التي قيدت العمل تختفي، ومعها صور فطور الصباح الذي يجتمع عليه كل قسم، يليه قراءة الجرائد، ثم الذهاب للصلاة قبل الأذان بأكثر من ساعة، أو توصيل الأبناء من الطلبة للمنزل، والتعامل مع الإجراءات بما عرف ب «راجعنا بكرى» هذا السلوك الذي أدى إلى أن تكون إنتاجية الموظف متدنية إلى حدود مزرية حصرت بأقل من ساعة من الساعات الست أو السبع..

عملية دمج وزارتين وإلغاء هيئات عليا وإعادة تشكيلها يجب أن تتزامن مع تحديث شامل لبنية التعليم وإخراجه من تقليديته، إلى التقنيات الجديدة، وعلى نفس الوتيرة إخراج التعليم الفني من قوقعته وتباطؤه، وعدم جدواه في سوقنا المحلي في ملء شواغر الوظائف الفنية في المصانع والشركات والدولة ليكون النمط المتقدم مع التعليم العام والعالي..

فبلدنا جزء من دول العالم المؤثرة في الاقتصاد والسياسة، ومركز حركة إقليمياً وعربياً وإسلامياً، وتزاوج السياسة الداخلية في بناء الهياكل المختلفة والتحول من الاقتصاد الريعي إلى تنوعه بإحداث مصادر مختلفة، ترتبط بالسياسة الخارجية المتوازنة ولذلك حين تبنى الدولة الحديثة فإن الحقوق والواجبات تتطلب أن يعي المسؤول والفرد الدور العملي في البناء الداخلي، واليقظة للظروف المحيطة بهما لتأمين الاستقرار وحماية أمن الوطن ووحدته..

مرحلة التحولات التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان تتضافر فيها الجهود بالمسؤولية الوطنية، وأسباب النجاح متوفرة مادياً بالوفرة الموجودة، وذلك بجعل الشباب الذي اكتسب المعارف والوعي، والانتماء لهوية وطنية واحدة، والحوافز المعطاة جيلاً طموحاً يقود النهضة القادمة واستشرافها ضمن مراجعات كبيرة لمجمل تجاربنا السابقة، وغالباً ما يرتبط الطموح بالتحديات ونحن ليست لدينا مشكلة كفاءات، وإنما تصحيح مسارات وخاصة في الإدارة العامة، وجعل الاختيار يبنى على الكفاءة دون غيرها حتى نحقق دولة الحداثة بمعناها الشامل.

Konular