سلمان بن عبدالعزيز ملكاً - محمد محفوظ

محمد محفوظ

سلمان بن عبدالعزيز ملكاً

لا ريب أن إدارة دفة القيادة في المملكة العربية السعودية، من المهام الجسام والعظيمة، لما تتمتع به المملكة من موقع خليجي وعربي ودولي على الصعد كافة. فهي من البلدان المحورية على المستوى العربي والإسلامي، كما أنها مؤثرة بشكل أساسي على المستوى الدولي في بعدين أساسيين البعد السياسي والبعد الاقتصادي، فالمملكة دولة مركزية في المنطقة، وستبقى تتحمل مسؤولياتها القومية والدولية. فمن المؤكد أن إدارة دولة بحجم المملكة ودورها وتأثيرها، يعد بكل المقاييس مسؤولية كبرى ومهمة تستغرق كل الجهد والوقت.

إلا أن هذه المسؤولية ليست صعبة، على شخصية خبرت الحياة العامة عشرات السنين وتحمل مسؤولياته الوطنية في مقتبل العمر، ويختزن على المستوى الإداري والسياسي تجربة ثرية وممتدة وتتقاطع مع الكثير من الملفات التي تهتم بها المملكة سياسيا واقتصاديا، داخليا وخارجيا. أعني بذلك شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. فهي شخصية ذات خبرة واسعة داخليا وخارجيا، وذات اهتمامات متعددة. فثمة شرائح ومكونات عديدة في المجتمع السعودي تعتبره جزءا منها وأحد أقطابها.

فالمهتمون بالتاريخ وتاريخ الجزيرة العربية تحديدا، يعتبرون الملك سلمان بن عبدالعزيز، هو أحد أقطابهم، واهتماماته في هذا الجانب، لا تقل عن اهتماماتهم وتوج هذا الاهتمام بتأسيس دارة الملك عبدالعزيز، وهي من المؤسسات الوطنية الكبرى التي تعنى بتاريخ المملكة وتوثيق أحداثها وشخصياتها وحركة تطورها التاريخي. كما أن الشريحة المثقفة والإعلامية في المملكة، لا تعتبر الملك سلمان بن عبدالعزيز غريبا عنها، فهو على علاقة مباشرة منذ سنين طويلة بالحقل الإعلامي والثقافي، وأحد صناع التطور الإعلامي في المملكة. وتمتاز هذه العلاقة بالصراحة التامة والقرب المباشر من همومهم وتطلعاتهم.

كما أن صناع التنمية والعمران في المملكة، يعتبرون الملك سلمان بن عبدالعزيز أحد أقطابهم الأساسية وتجربته في إدارة وتنمية العاصمة (الرياض) تعتبر من النماذج الناجحة والنموذجية؛ حيث تحولت هذه المدينة إلى عملاق اقتصادي وتجاري وتنموي، ويضرب بها المثال على قدرة الإنسان على تحويل الصحراء إلى مدينة متكاملة، تحتضن المنشآت والمؤسسات.

وهكذا بقية الشرائح والفئات في المجتمع السعودي. فالملك سلمان بن عبدالعزيز هو من مرتكزات الحياة الوطنية العامة منذ عشرات السنين، ويمتلك الخبرة والقدرة على إدارة وقيادة دفة المملكة في ظل هذه التطورات والتحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة والعالم.

كما أن الإرث المؤسسي الذي تركه الراحل الكبير عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله - ليس قليلا، ويمكن البناء عليه والإضافة إليه. سواء فيما يتعلق بالمنجزات الوطنية أو في حقل العلاقات العربية والدولية. ثمة منجزات عززت من قوة المملكة وتأثيرها الكبير على المستويين الإقليمي والدولي.

فالملك سلمان بن عبدالعزيز ينطلق في قيادته وإدارته للمملكة من نقاط قوة رئيسية أهمها :

أولا: خبرته الإدارية والسياسية والتنموية الواسعة، حيث تحمل مسؤوليات وطنية كبرى متعددة ومتنوعة، وأدارها بنجاح.

ثانيا: شبكة واسعة من العلاقات الوطنية والإقليمية والدولية الواسعة، التي تعكس حضورا عميقا في ظل هذه الملفات والاهتمامات منذ فترة زمنية طويلة.

ثالثا: اهتمامات متعددة ومتنوعة في شخصية الملك سلمان بن عبدالعزيز. وهذه الاهتمامات تعكس شخصية قيادية قادرة على دفة الأمور والقيادة بخيارات متعددة ومتنوعة.

رابعا: التفاف شعبي واسع، عبرت عنه شرائح وفئات المجتمع السعودي بأسره. وتبين هذا بوضوح في عزاء الملك عبدالله بن عبد العزيز ومبايعة سلمان بن عبدالعزيز ملكا على المملكة العربية السعودية.

ولا ريب أن تلاحم الشعب مع القيادة، والتفاف مكونات المجتمع حول القيادة، يعد من عناصر القوة الأساسية في أي تجربة قيادية وإدارية على الصعيدين الإنساني والسياسي.

وعلى كل حال فإن الحديث عن شخصية تتداخل لديها الاهتمامات، وتتوزع لديها المسؤوليات ليس بالأمر الهين والبسيط. ولكن هذه الخبرات والاهتمامات والمسؤوليات تجعلنا ندرك بعض ملامح المستقبل لهذا الوطن. ونحن هنا لا نود أن نتحدث عن منجزات سابقة للملك سلمان بن عبدالعزيز، وإنما نود القول : إن شخصية تمكنت من إنجاز الكثير في تجاربها السابقة، لقادرة من موقع القيادة والزعامة على استمرار مسيرة الانجاز، وشعب المملكة يتطلع إلى الكثير من الإنجازات على المستويات كافة.

فالذي تمكن من تحقيق إنجازات نوعية في مواقع وطنية متعددة، يتمكن من موقع المسؤول الأول في المملكة لإنجاز الشيء الكثير للوطن والمواطنين. فالملك سلمان بن عبدالعزيز قادر على إنجاز الكثير بحكم سجله الوطني ومنجزاته الوطنية السابقة، كما أن الشعب السعودي يستحق الكثير من المنجزات، لأنه شعب طموح ومتطلع باستمرار صوب الأعلى. فملوك المملكة يشرفون بخدمة الحرمين الشريفين وخدمة الوطن والمواطن. لهذا فإن المواطنين جميعا يتطلعون إلى حماية وصيانة المنجزات الوطنية السابقة، وإنجاز مكاسب جديدة لهذا الوطن العزيز علينا جميعا.

وكلنا ثقة أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، سيحمي منجزات من سبقه، وسيضيف منجزات جديدة تعزز من مكانة الوطن على المستويات الإنسانية والدولية كافة، كما أنها ستعزز من ثقة المواطن السعودي بنفسه، وبأنه ليس أقل من الآخرين في شيء. وبهذا نصل إلى المعادلة الضرورية في المملكة ألا وهي : أن الملك سلمان وبحكم خبرته التاريخية قادر على إنجاز الشيء الكثير على المستويين الداخلي والخارجي.

وإن الشعب السعودي بكل فئاته وشرائحه يتطلع إلى المزيد من الانجازات والمكاسب ذات الطابع التاريخي، وإن الوطن يستحق الشيء الكثير بحيث يبقى أو يصبح متصدرا للأوطان في جوانب الحياة المختلفة. والمنطقة اليوم بأسرها تعيش ظروفا وأوضاعا حساسة، تتطلبان من الجميع يقظة تامة وسد وتحصين أوضاعنا الداخلية للحؤول دون التأثير السلبي بأوضاع المنطقة.

ولعل الجهد الاستراتيجي الذي يجنبنا التأثيرات السلبية لأحوال المنطقة، هو الاستمرار في البناء والتطوير وإكمال المشروعات القائمة وتعزيز أواصر العلاقة والتواصل بين القيادة والشعب بكل شرائحه وفئاته. فقوة المجتمعات اليوم في انسجامها الداخلي، كما أن قوة الدول في سعيها الدائم لإحراز رضا شعبها.

والمبايعة الواسعة للملك سلمان بن عبدالعزيز، مؤشر كامل لاستعداد الجميع للانطلاق بوعي جديد وإرادة مستديمة صوب المزيد من التطوير والبناء؛ لأنه ببساطة شديدة الأمم التي تتوقف عن البناء والتطوير أمم قد تخرج من سباق المنافسة والصعود. ووطننا لا يريد الاستمرار في المنافسة فحسب، بل حصد قصب السبق في هذه المنافسة. إذ إن إعادة تشكيل مجلس الوزراء، هو الخطوة الأولى في مشروع تطوير الأوضاع وتحسين الأحوال على الصعد كافة.

Konular