فقه التكفير.. السلاح الفتاك - ناصر عراق

ناصر عراق

فقه التكفير.. السلاح الفتاك

رائحة الحزن التى فاحت فى سماء مصر كلها بعد الجريمة الخسيسة فى العريش، وإعلان قادة الجيش بحسم مواصلة الحرب على الإرهاب، وتنامى بغض المصريين لجماعة الإخوان وأنصارها المتاجرين بالدين.. أقول.. كل ذلك يجب ألا ينسينا أننا نعانى مأزقا فكريًا بالغ الخطورة يتمثل فى شيوع وانتشار فقه (التكفير) إذا صح القول. بنظرة سريعة على تاريخنا الإسلامى نكتشف أن هذا الفقه البائس وُلد بعد وفاة الرسول الكريم «ص» وبدأ فى الرواج والانتشار بشكل مخيف فى المجتمعات التى اعتنقت الإسلام، وأظنك تعلم أن المسلمين تشرذموا وتشتتوا فى مذاهب وجماعات كثيرة منذ القدم، ولا يخفى عليك أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين- وهم من هم- قتلوا فى الصراع السياسى الدينى الذى نشأ عقب وفاة رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، والقاتل فى كل مرة كان يزعم أنه يتحدث باسم السماء وأنه الأولى بتفسيرالقرآن الكريم! إن سلاح التكفير أمضى الأسلحة التى تدمر المجتمعات وتخربها، لأنه يسمح لجماعة أو فئة أو سلطة بقتل الآخرين دون عقاب أو محاسبة ماداموا من «الكفار» من وجهة نظرهم، ولو تأملنا حجم الاتهامات التى تطلقها الجماعات الإرهابية ضد الجيش والشرطة والمجتمع لاكتشفنا خطورة سلاح التكفير وبؤسه! وقد رأينا من يهتفون ويهللون (الله أكبر) عندما قتل جنودنا فى العريش معتقدين أنهم يقتلون «الكفار»! للأسف.. يزدهر فقه التكفير فى المجتمعات المتخلفة وينتشر فى البيئات المحرومة التى لا يجد الشاب فيها نافذة للأمل فى حياة أكثر عدلا وحرية، فينضم إلى تلك الجماعات التى تكفر السلطة والمجتمع، ولعلك لاحظت أن هذا السلاح البغيض لم يكن موجودًا تقريبًا فى زمن عبد الناصر، لأن الناس كانت تشعر بأن راية العدل ترفرف فى سماء المجتمع بشكل مقبول، وأن الأمل فى مستقبل أخضر بات قريبًا، لكن عندما جاء السادات.. فتح الباب لجماعة الإخوان للعمل السياسى، ومع مرور الوقت رأينا مبارك وعصابته ينهبون البلد ويدمرونها، حتى صار فقه التكفير سلاحًا موجهًا ضد الجميع، وللأسف رفعه بعض شيوخ الأزهر ضد عدد من المبدعين والكتاب. أجل.. أمامنا معركة طويلة للقضاء على فقه التكفير!

Konular