الانسجام المتكامل بين أردوغان وداود أوغلو - عبد ال

الانسجام المتكامل بين أردوغان وداود أوغلو

الانسجالمكان: المجمع الرئاسي.

كان رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان يتبادل أطراف الحديث مع مجموعة من النواب.

حين قال أحد النواب: "لقد أختارك الشعب. أنت تستحق رئاسة الجمهورية". فشعر أردوغان بالحاجة لتصحيحه فقال:"لا يجب أن نريد ذلك من أجل أنفسنا وأشخاصنا، بل من أجل تركيا."

من هنا ثار الجدل حول موضوع النظام الرئاسي.

لم نتقدم كثيراً في هذا المجال لأن النقاش حول النظام الرئاسي كان دائماً متعلقاً بالأشخاص، منذ أوزال.

لقد أراد أوزال نظاماً رئاسياً يشبه النظام الأمريكي. أما ديميريل المعارض للنظام الرئاسي والذي استمر بالترويج بأن أوزال يريد نظاماً ديكتاتورياً، أصبح هو بنفسه أكثر المدافعين عن النظام الرئاسي بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية.

وعلى النقيض فإن رجب طيب أردوغان كان من المدافعين عن النظام الرئاسي منذ أن كان في منصب رئاسة البلدية وحتى الآن. وهو يحافظ على موقفه من خلال تقديمه اقتراحاً إلى لجنة المصالحة الدستورية.

كما أن البرلمان قد وصل إلى عصره الذهبي في عهد أردوغان. لقد حكمنا في السابق نظام وصاية من الجيش أجرى انقلاب كل عشر سنوات، وشنق رؤساء الجمهورية وأعاد كتابة الدستور بيد قيادات الجيش الانقلابية، ولم يمكن البرلمان من انتخاب رئيس الجمهورية وعرض الإسلاميين والأكراد إلى معاملة سيئة.

ان الذين يثورون اليوم باسم الدفاع عن النظام البرلماني لم يطبقول النظام البرلماني في عصر حكمهم. إن كان ثمة شخص يستحق الحديث باسم النظام البرلماني فهو رجب طيب اردوغان نفسه. فقد عاش البرلمان سنين عمره الذهبية تحت ظل حكم العدالة والتنمية. فاليوم رئيس الجمهورية هو من يختاره الشعب لا من ينصبه الجيش.

لا بد لنا من إيجاد توصيف واضح للنظام الذي حكمنا من خلاله سابقاً. فلا يمكن بأي حال من الأحوال تسميته بالنظام البرلماني. برأي كنعان إيفرن فثمة نظام رئاسة مفوضة لكن غير مسؤولة. أنا لا اعتقد أن أردوغان يدافع عن النظام الجمهوري من زاوية التفويض فقط. فبحسب الدستور فإن الرئيس مفوض لكن غير مسؤول.

شهدت الجمهورية التركية خلال أعوام عمرها الـ 92، 62 حكومة. 27 عاما ً منها كانت خلال فترة حكم الحزب الواحد. 10 سنوات في حقبة الحزب الديمقراطي، و13 عاماً تحت إدارة حزب العدالة والتنمية. مما يعني أن معدل عمر الحكومة في تركيا هو سنة واحدة وأربعة أشهر وثمانية أيام. إن الولايات المتحدة وأوروبا قد مرا بحقب من الاستقرار أدت الى نهضتهما. فكيف لنا أن نتحدث عن النهضة أو عن تعزيز الديمقراطية وحل المشكلة الكردية من خلال حكومات عمرها سنة واحدة فقط؟؟

النتيجة الثانية

في أعوام 1970-1980، أي في مرحلة ما بين الانقلابين، أنشأت 13 حكومة متوسط عمر الواحدة منها 7 أشهر. أما ما بين أعوام 1990-2000 فإن عمر الحكومة بالمتوسط هو 9 أشهر، وقد أنشأت خلالها 11 حكومة تحالفية.

فقد وصل الحد برئيس الوزراء ديميرال إلى القول: "لقد أصبح من الصعب عليّ تذكر أسماء الوزراء، فسأقول، تفضل يا حضرة الوزير".

لقد نشأت آليات تحكم ووصاية العسكر من خلال هذه الانقلابات التي جرت بشكل متتابع. فمع ضعف الحكومات وقصر أعمارها، والديمقراطية التي لم تستطع إدارة الصراع مع الجيش، بقيت الإرادة الشعبية حبيسة مؤسسات الوصاية وتركيا غير المدارة.

هل كان يمكن لتركيا في تلك الحقبة أن تملك الجرأة للبدء في عملية مباحثات السلام لحل القضية الكردية-التركية أو أن توقف تغول وصاية الجيش؟ إن رؤساء الجمهورية الذين بدأوا القيام بذلك قد دفعوا حياتهم تلقاء محاولاتهم. لقد كان مجرد الحديث عن الجيش يتطلب الكثير من الجرأة في ذلك الوقت.

لقد شاهدنا نجاح حزب العدالة والتنمية في إدارة تركيا بالنظام البرلماني بالإضافة الى دعوته للنظام الرئاسي.

وعلى الرغم من جميع العواصف التي مرت بتركيا، فقد استطاع حزب العدالة والتنمية إدارة الدولة من دون الدخول في أزمة من خلال مرحلة غُل التي جاءت تبعاً ونتجت عن فترة أحمد سيزر.

في آخر الإحصائيات الشعبية، كانت نسبة الأصوات لصالح العدالة والتنمية 49%. ولكن هناك أمراً اخر. فمن المحتمل أن ترتفع النسبة إلى 55%. مما يعني الثناء الشعبي على نموذج حكم أردوغان وداوود أوغلو.

ولو انعكس هذا التآزر على صناديق الاقتراع، فهذا يعني الفوز المحقق في انتخابات عام 2015.

أردوغان ليس مجرد رئيس جمهورية رمزي. في الحقيقة لم يكن أي من الرؤساء مجرد رئيس رمزي. فقد رآى سيزر في "شانكايا" آخر قلاعه. فرفض القرارات. ألم يحدث تغيير على قائمة الأسماء في الحكومة في عهد عبد الله غُل على الرغم من كونه أحد الشخصيات التي أسست حزب العدالة والتنمية؟؟ ألم يكونوا يخفون الأمر عن رئيس الجمهورية قبل أن يصدر الوزراء أو رئيس الوزاء القوانين؟ إلا أن أردوغان قد صرح بذلك قبل أن يتم اختياره رئيساً للجمهورية.

كما أكد على أن داوود أوغلو ليس مجرد حافظ لمنصب رئاسة الوزراء، فقد احتل مكانة في قلوب الشعب بكل جديته في العمل ومخزونه الثقافي وسيرته الطاهرة وقدراته السياسية.

منذ 28 أغسطس (التاريخ الذي قوض فيه داود أوغلو رئيساً للوزراء ولحزب العدالة والتنمية) فتح شعبنا قلوبه ليحتل داوود أوغلو مكانته في قلوبهم إلى جانب أردوغان.

لقد عمل حزب العدالة والتنمية خلال عطلة نهاية الأسبوع على وضع استراتيجيته الانتخابية لعام 2015 في أفيون. وسوف تخرج الاستراتيجية للناخبين بطلب الاستقرار السياسي والدستور بكامل الحرية. أما مقترح النظام الرئاسي فسيكون ضمن الدستور الجديد.

إن كنا سوف نتحول للنظام الرئاسي، فلا بد أن يفوز رئيس الوزراء بهذه الانتخابات. أقصد أنه لا بد لداوود أوغلو من الفوز بانتخابات 2015 لكي نحصل على الأغلبية اللازمة لإجراء تعديل دستوري. كيف لنا أن نجري التغيير إن لم يفز داوود أوغلو؟ لذلك لا بد لنا أن نقلق حول توافق أردوغان وداوود أوغلو. إن قنوات التواصل بينهم مفتوحة. ويستطيعان الالتقاء بكثرة للحديث عن أي مشكلة تواجههم.

وأحيانا يقومون بلقاءات لا يعلم عنها الرأي العام. ما دام الانسجام بين أردوغان وداوود أوغلو جيداً، يمكننا القول بقدرتنا على تغيير الدستور، والتحول إلى النظام الرئاسي.

المهم هو ألا نترك مواقعنا في المعركة جرياً خلف الغنائم كما فعلنا في غزوة أحد.

اليوم نحبس أنفاسنا.

Konular