دستور جديد، لأجل تركيا جديدة - كمال أوزتورك

كمال أوزتورك - يني شفق

دستور جديد، لأجل تركيا جديدة

هناك أخبار متسارعة لا تقف تحتل موقعها في النقاشات اليومية. الساسة والصحفيون والمعلقون الإخباريون يتراكضون لمتابعة الأخبار المتسارعة بسرعة لا يمكن تصديقها. ننتقل من إحدى القضايا إلى التي تليها من دون إعطائها حقها من النقاش والفهم والشرح. فالنقاش الذي بدأ حول الإسلام فوبيا وحرية التعبير بعد هجوم باريس لم يلبث أن أغلق بعد أن استسلم الجميع لموجة النقاش عن وصول تسيبراس إلى رئاسة اليونان. والتي ما لبث أن أغلق الحديث عنها ايضاً.

الأخبار الحقيقية حول الدستور الجديد وتركيا الجديدة

ها نحن ندخل أجواء الانتخابات. قضايا النقاش اليومية الهامشية التي تدخل أجواء الانتخابات بسرعة تشبه الشهب الصغيرة التي تدخل الفضاء الجوي لتحترق وتتحول إلى رماد، وتبقى فقط القضايا المهمة والأساسية. في جدول أعمال فترة الانتخابات لن يتبقى وقت للحديث عن قضية الكيان الموازي أو الإسلام فوبيا أو نقاشات الوزراء الأربعة في المحكمة العليا.

من وجهة نظري فإن جدول أعمال فترة الانتخابات سوف تتمحور حول قضية الدستور الجديد الذي سيضم النظام الرئاسي، ومفهوم تركيا الجديدة. يبدو أن حزب العدالة والتنمية سوف يجعل من نقاشات الدستور الجديد مركز الحديث خلال فترة الانتخابات. كما سيكون الحوار حول النظام الرئاسي الذي يريده رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان جزءاً من الدستور الجديد.

لقد حافظ حزب العدالة والتنمية منذ نشأته حتى اليوم، على تواجد موضوع الدستور الجديد والنظام الرئاسي في جدول أعماله، إلا أنه لم يوفق في إجراء فكره هذا على أرض الواقع. والآن يرى كادر الحزب في هذه الانتخابات فرصة أخيرة لتطبيق المشاريع التي تحدث عنها لسنوات طويلة.

القوة الدافعة وتغيير المحرك

ان من التناقض استمرار الحكم بالدستور الذي وضعه الانقلاب العسكري على الرغم من كل هذا التغيير والتحول والقوة التي عاشتها تركيا. الدستور أشبه ما يكون بالقوة الدافعة لحركة السيارة، أو محركها. إن كنا ذاهبين للفضاء من دون تغيير هذا المحرك فإن صاروخنا سوف يقع. إن كنا في مسابقة فإن محرك السيارة العادي لن يكون كافياً، وهذا أمر بديهي. نحن نعاني الكثير لأن الدستور الحالي لا يعطينا ما نحتاجه من القدرة على الحركة والتغيير. كما يتم إجراء الكثير من التعديلات والإضافات عليه مثل العربات المعدلة، ولكن هذا ينتج الكثير من المشكلات والأعطال. إن نموذج رئيس الجمهورية المنتخب يعد أحد التعديلات على الدستور القديم لكنه لا يكفي لتأهيلنا للمشاركة في السباقات العالمية.

لا بد أن الدستور الجديد سوف يحل جميع مشكلات الدولة الأساسية، ولا بد أن يكتب من جديد بحيث يكون مناسباً للمنافسة على مستوى العالم والبنية الاجتماعية والنظام السياسي المختنق. إن سوء صياغة نصوص الدستور وما زاد الطين بلة من الإضافات والإلغاءات التي أفسدت انسجام النص الدستوري تتطلب إعادة كتابته من جديد.

لم يكتمل محتوى مفهوم تركيا الجديدة

قد يقدم لنا الدستور الجديد تركيا جديدة. تركيا الجديدة، هو مفهوم استخدمه أردوغان بكثرة قبل انتخابات الرئاسة وأكد على أهميته رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو. وهو اسم لمشروع سياسي واجتماعي مهم للغاية يحمل تصور مستقبلياً جديداً للدولة، ويشير إلى ميلادها الجديد. أو على الأقل فإن هذا هو التصور المرتبط لدينا في العقل اللاوعي.

ان حزب العدالة والتنمية على الرغم من استخدامها لهذا المفهوم الفلسفي والمثالي، إلا أنها لم تشكل نصاً استراتيجياً حول تطبيق سياسة مفهوم تركيا الجديدة. كما أعتقد بأ الاجتماعات وجلسات العصف الذهني والتجهيزات للانتخابات سوف تملأ محتوى هذا المفهوم المهم وتحوله الى وثيقة سياسية.

دستور جديد وحلم جديد، من أجل تركيا جديدة

الجميع يعلم بأن تصور تركيا الجديدة لا يمكن تطبيقه من خلال هذا الدستور. لذلك لا بد لنا من كتابة دستور جديد إن أردنا تركيا جديدة. ولا بد من أخذ التوكيل الشعبي لكتابة الدستور الجديد، أي الحصول على الأصوات من خلال صناديق الاقتراع.

وإن نظرنا إلى أفعال المعارضة تاريخياً، فيمكننا توقع رفضها وعدم انضمامها لأعمال مشتركة من أجل الخروج بدستور جديد.

لكن هل سيستطلع حزب العدالة والتنمية انشاء حلم مشترك يضم فيه الجميع بما فيهم ناخبي المعارضة من أجل التصويت لصالح الدستور الجديد؟ أنا أتحدث عن حلم يقضي على صراعات النقاشات السياسية اليومية ويرتفع بنا الى الأعلى

Konular